01/04/2012

UGTT : la masse laborieuse est en droit de rédiger la Constitution …


قام الاتحاد العام التونسي للشغل بمبادرة، لم تختلف عن دوره الوطني الذي ساهم به في دفع الثورة إلى الأمام، من خلال تقديم مشروع للدستور التونسي كتبه نقابيون ونقابيات في وقت تتصارع فيه قوى الثورة المضادة والقوى الرجعية للالتفاف حول أهداف الثورة، واستجابة لواجب المشاركة الفاعلة لرسم ملامح نظام سيحكم المجتمع على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
المبادرة انطلقت من مرحلة المسار الانتقالي التي شهدت سقوط رأس النظام وهو الرئيس المخلوع، لكن شهدت
على الجانب الآخر في تلك الفترة مواصلة نفس الأداء لكافة أجهزة الدولة كما كان قبل الثورة بما يستوجب في هذه المرحلة تفكيك بقية مؤسسات النظام السابق والقضاء على فلوله. المبادرة أيضا افترضت حضور نشيط وفعال للطبقة العاملة من خلال ضرورة طرح دستور يُكتب بأيديهم ويراعي مصالحهم بالدرجة الأولى، كذلك يضمن البعد الاجتماعي بضمان المساواة في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وخاصة مع المشاركة الفعلية التي قام بها العمال ضد القهر والاستغلال قبل الثورة، و حتى بعدها، من خلال تنظيم الإضرابات العديدة أو مشاركة الاتحاد نفسه في الهيئة العليا لتحقيق أهداف ثورة تونس، حيث تم تقديم المبادرة بالفعل لمنظمات المجتمع المدني والمشاركة في المجلس التأسيسي لوضع الدستور.
المبادرة اقترحت النظام شبه الرئاسي من أجل الحد من صلاحيات الرئيس المطلقة، كما أيدت فكرة "اللا مركزية" كتنظيم إداري سياسي للبلاد لتحقيق تنمية متوازنة بين المناطق المختلفة. تم تقسيم المبادرة إلى خمسة أبواب حول المبادىء العامة والسلطات، وفي قراءة سريعة لها، نجد أن الفصل الأول من الدستور الخاص بسيادة دولة تونس الإسلام دينها والعربية لغتها كان قد تم الإبقاء عليه برغم تصعيد حركة النهضة والجماعات الدينية المتطرفة لتنصيص الشريعة كمرجع وحيد في الدستور، والتي لاقت على الجانب الآخر ضغوط من المجتمع المدني بالتراجع وفي ظل مشاركة ما يقارب 65% منهم في المجلس التأسيسي.
كما تم تضمين الفصل الثامن لنص صريح خاص بعدم التمييز على أساس دين أو جنس أو لون. وفي الفصل العاشر نص على حرية المعتقد والفكر دون قيود، كما لا يجوز تفتيش أو اقتياد أي شخص إلا لأسباب أكيدة وواضحة أو التنصت على وسائل الاتصال والمراسلات في الفصول 11 و15 على التوالي. كذلك حرية تكوين الأحزاب والجمعيات في الفصل 17. المبادرة هنا تعمدت اجتياز الخطوط الحمراء المتعارف عليها منذ النظام البائد في ظل قائمة ممنوعات طويلة أودت بالآلاف داخل سجون الديكتاتور. وهو ما قد ميز المبادرة في نقل مبادىء الحقوق الاجتماعية من مجرد كلمات رنانة عن الديمقراطية إلى إلزام حقيقي بمواد دستورية واجبة.
كما نصت المبادرة على ضرورة تدخل الدولة لتوفير الخدمات الصحية والتعليمية على أساس العدالة، كما تحملت الدولة مسئولية توفير عمل لائق لكل مواطن على أساس تكافؤ الفرص وفي ظل شروط عمل عادلة في الأجر وساعات العمل وحق الراحة والعطل. وهي إحدى أهم النصوص الاجتماعية في بلد اشتعلت ثورتها ضد أزمة البطالة ومازالت تعاني رفع يد الدولة وإبدالها بالقطاع الخاص.
المبادرة أيضا تعمدت اجتياز خطوط حمراء أخرى ظهرت باجتماع المرزوقي رئيس الحكومة الانتقالية برجال الأعمال ليصف الإضرابات العمالية بالانتحار الجماعي، حيث أكدت في الفصل 27 على أن الإضراب حق مضمون. وفي الباب الثاني الخاص بالسلطة التشريعية تم وضع فصول خاصة بشروط عضوية مجلس الشعب بحيث تسمح للشباب ما فوق 23 عاما على الترشح كذلك فصول خاصة بجلسات مجلس الشعب العلنية وشروط سحب الثقة من النائب ونصوص أخرى خاصة بعزل الحكومة أو رئيس الجمهورية في نظام شبه رئاسي قد يضمن تداول للسلطة.
قد تعتبر المبادرة خطوة في غاية الأهمية، فهي من ناحية تشارك في صنع مستقبل البلاد ويكتبها من شاركوا في صنع ثورة شعبية حقيقية. وقبل ذلك فقد كسرت حاجز إنفراد فصائل بعينها في كتابة دستور ستتعاقب عليه الحكومات المختلفة. لكن الأهم من ذلك هو عدم الاكتفاء بالمكاسب الحالية التي تحققت نسبيا، فالثورة لم تقم بالأساس لكتابة دستور جديد أو تشكيل حكومة جديدة، الثورة قامت من أجل القضاء على كامل النظام وأجزائه المستشرية بمؤسسات الدولة، وخطوة كتابة دستور لن تكون كافية لحماية المواطنين من جهاز شرطة مازال يمارس عمله القمعي منذ النظام البائد، لكن سيظل الضامن الوحيد لتحقيق أهداف الثورة هو مواصلة النضال داخل المؤسسات بالإضراب والاعتصام لأجل القضاء على كل النظام.
الاشتراكي-دينا عمر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire