19/01/2012

من اجل الاستقلال والحرية والكرامة

عشية الاربعاء 18 جانفي 1952 اجتمع عدد هائل من المناضلين الدستوريين بقصر المؤتمرات بالعاصمة لاحياء الذكرى الستين لثورة الشعب التونسي من اجل الاستقلال والحرية والكرامة..وكان الاجتماع من تنظيم الحزب الدستوري الجديد الذي يراسه الاخ احمد منصور. 

وقد تميزت هذه التظاهرة الثقافية السياسية بتنوع المحتوى ودسامته حيث تفضل الفنان المسرحي القدير رجاء فرحات بعرض جزء من مسرحيته عن المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة فيما يخص المرحلة المعنية وقدم نجل الشاعر الكبير احمد اللغماني مرثية والده للزعيم بورقيبة التي عنوانها " سيدا كنت، سيدا سوف تبقى..." وتناول الكلمة كل من الاخوين احمد منصور في افتتاح التظاهرة واحمد بن صالح في اختتامها...وقد تعالت اصوات بعض الشباب منادية بضرورة توحيد الدستوريين استجابة لرغبة جامحة من القواعد الدستورية ومعبرة عن رفضها اندماج احزاب تدعي انها دستورية مع احزاب ترفض المرجعية الفكرية الدستورية تحت ستار الوسطية والاعتدال...
وكان اللقاء في مجمله فرصة متجددة عبر فيها الطيف الدستوري عن عظيم فخره واعتزازه باحياء مثل هذه الذكرى التي طمسها الاعلام بكل مكوناته وطمستها الاحزاب ايضا واهملتها السلط السياسية ايضا...وكانما ثورة الاستقلال لا اهمية لها في عيون بعض من قصر نظرهم وذبلت ذاكرتهم وتفككت هويتهم التاريخية بما كانت تزخر به من امجاد...

وعند مغادرة القاعة، قال لي احد الاصدقاء: لماذا تتشبثون بالماضي وتهللون للزعماء وكانما مرجعيتكم الوحيدة هي تمجيد ماضيكم...؟؟؟

ابتسمت وقلت له، تاكد يا صديقي ان الدستوريين - بكل اطيافهم، وعلى تشتتهم وتمزق رقعهم وتعدد احزابهم، ينظرون الى مستقبل هذا الوطن ومستقبل شبابه بالخصوص بالعين الثاقبة التي نظر بها المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة الى مصير هذا الوطن منذ الوهلة الاولى التي حل بها بعد عودته من فرنسا وانخراطه بالحزب الدستوري وتوليه قيادته وزعامة الحركة الوطنية بعد مؤتمر 2 مارس 1934 بالخصوص...كانت نظرته الى واقع البلاد نظرة تشخيص معمق استوجبت منه وضع استراتيجية الاتصال المباشر لتعبئة القوى الشعبية ودفعها للنضال والاستماتة في سبيل الوطن...وكان خطابه نافذا الى عمق اعماق الوعي الانساني مما جعل التونسيين يصطفون وراءه وينخرطون في برنامجه النضالي بروح عتالية وعزيمة قوية وتضحية جسيمة...وقد تكون استراتيجية التعبئة الشعبية اليوم افضل منهاج يتوخاه الدستوريون لتفعيل الروح النضالية لدى الدستوريين ولدى الشباب خصوصا للانكباب الجاد على معالجة مشاغل ابناء تونس اليوم وتطلعاتهم التي عكستها ثورة 14 جانفي 2011 عندما انهت عهد الطغيان والتسلط والظلم وكشفت كل مظاهر الحيف والتهميش الاجتماعي ...

فاذا كانت الثورة قامت من اجل الكرامة والحرية والديمقراطية، فان اولوية اولويات برنامج عمل الطيف الدستوري هي ترجمة تلك التطلعات الشعبية الى واقع ملموس حتى يدرك المواطن انه قام بثورة وانتفع بثمارها وانه وضع المسار الوطني على الطريق القويم وحتى لا يشعر بان بعضهم ابتز ثورته واستغلها لمآرب لا صلة لها بما كا يتطلع اليه...
ولعل مبادرة الاحزاب الدستورية بالوحدة والاندماج في حزب دستوري معلن الهوية واضح التسمية - مثلما هو الامر بالنسبة للحزب الدستوري الجديد- هو الخطوة الاولى لتفعيل تدخل الدستوريين في الشان العام بعد الثورة...
ثم ان هذا الحزب الدستوري الجديد الموحد يكون عندئذ اقدر من غيره من التنظيمات على مقاربة المشاغل والاهتمامات الشعبية وارفاقها وبالحلول العملية الناجعة التي تلامس واقع البلاد وتعتمد امكاناتها...

ولعل اول ما يجب ان يطرحه هذا الحزب الجديد على المجتمع هو اعادة الاعتبار الى المؤسسة الادارية والمؤسسة الامنية والجهاز التنظيمي المحلي والجهوي بتفعيل ادوارها جميعا حتى تنزع عنها مظاهر الخمول والركود بل الجمود ايضا في وضع غلبت عليه اعتصامات فوضوية واعتد
اءات عنيفة على الافراد والمجموعات وعلى الاطارات والكفاءات وشملت المؤسسات ايضا...
ثم ان تفعيل الانتخاب المباشر قد يكون السبيل المثلى لاشراك الشعب في ادارة شؤونه...وتطوير اليات عمله...لانه ما حك جلدك غير ظفرك...

تلك هي بعض من كثير من المقاربات البورقيبية التي يمكن اعتمادها للتصرف بالحنكة البورقيبية في مصير البلاد وفي افاق تنميتها والرفع من قدراتها وتاهيل افراد شعبها الى الرقي والتقدم ...حتى يقضى على البطالة ويرتفع نسق عيش المواطن ويقلص التهميش الاجتماعي وتتحقق العدالة الاجتماعية وتتعزز الكرامة وينعم الفرد بالمواطنة ويتحقق لكل ذي طموح طموحه دون الوقوع في متاهات التواكل والانتظار للاشارات الربانية التي تقود هذا وتدفع ذاك...لانه...اذا الشعب يوما اراد الحياة، فلا بد ان يستجيب القدر...

اخوكم محمد بن سعد

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire